|
|
| |
|
| Église des Chérubins (Deir al-Charoubim) de Saidnaya |
| |
|
| Notice historique |
|
”دير "الشيروبيم"، عراقة معمّدة بالقداسة منارة أثريّة ودينيّة سوريّة
من دمشق تقطع برًا مسافة ٣٥ كم إلى الشمال، لتصل إلى صرح يعانق السحاب فوق أعلى قمم القلمون الشرقيّة والذي يرتفع ٢٠٠٠م عن سطح البحر. من قمّته هذه يعيدك عبر منظر بانورامي من الجبال والتلال والسهول إلى رؤية دمشق والنبك وسهل البقاع .
إنّه "دير الشيروبيم" او "دير مار شاروبين"، كما يسمّيه الأهالي المحلّيّون، وهو مكرّس للملائكة الشاروبيم والسيرافيم، أعلى طبقات الملائكة الذين يتربّعون على عرش الطغمات السماويّة .
وهو دير أثري ومعلم ديني وسياحي يقع في محافظة ريف دمشق بالقرب من صيدنايا، حيث يبعد عن صيدنايا 7كم. وعن دمشق حوالي 35 كم وقد كان معبدًا وثنيًّا تحوّل إلى كنيسة مع بداية القرن الخامس حيث غدا للرهبان .
بني بالقرب من الدير تمثال للسيّد المسيح، يعتبر الأكبر في الشرق الأوسط. وفي المرتبة الثانية عالميًا بعد التمثال القائم في ريو دي جانيرو - البرازيل !.
بهذا الاسم المستقى من الملائكة يشكّل صرحًا أثريًّا تاريخيًّا مهمًّا ومقصدًا لراغبي السياحة الدينيّة في سورية.
بني في القرن الثالث الميلادي نتيجة اضطهاد المسيحين من قبل الوثنيين وأصبح انقاضًا في القرن السادس عشر واعيد بناؤه العام ١٩٨٢، في عهد البطريرك اغناطيوس الرابع، على يد الأم كاترين ابي حيدر رئيسة دير سيّدة صيدنايا البطركي .
والشيروبيم كلمة ارامية وتعني الملائكة "جبرائيل، روفائيل، ميخائيل " . وهي مركبة من "شيروب" أيّ الملاك والـ "بيم" كلام الجمع. وقد سمّي الدير بهذا الاسم، وفي هذا المكان المرتفع، بحيث يكون هيكلا للرب ومكان للعبادة في أعلى القمم الجبليّة في سلاسل الجبال القريبة من دمشق، ومن قمّة هذا الدير التاريخي يستطيع الزائر مشاهدة دمشق وجبل صنين وجبل الشيخ ومناطق كثيرة بعيدة من سوريا ولبنان ..
ذكره "شهاب الدين العمري" في كتابه "مسالك الأبصار في جملة ديارات الشام" حيث قال :
هو دير مار شاربين ويُقصد للتنزه، من بناء الروم بالحجر الجليل الأبيض، وهو دير كبير، وفي ظاهره عين ماء سارحة، وفيه كوى وطاقات تشرف على غوطة دمشق وما يليها من قبليها وشرقيها، وفيها ما يطل على بواطن ما وراء ثنية العقاب، ويمتد النظر من طاقاته الشمالية إلى ما أخذ شمالاً عن بعلبك".
وذكره أيضًا الرحالة الغربي بوكوك قائلاً: "أنه حين صعد إليه عام 1727م كان مأهولاً وفيه راهب واحد وكنيسة عامرة، ويعود العمران فيه ليكون ديراَ مزدهراَ وناشطاَ إلى القرن السادس الميلادي أيام الإمبراطور الرومي جوستنيانوس (527-565)".
أما عن اقسامه :
يتكوّن دير الشيروبيم من قسمين مختلفي الشكل والنوعية :
- القسم الأول يضم سلسلة متتابعة من المغاور المحفورة في باطن الجبل، وعددها ٢٣ مغارة ويلاحظ أن المغاور في الدير تنقسم إلى قسمين :
- مغاور بشكل أماكن لحياة مشتركة رهبانية (مغاور مشتركة) محفورة بطرق معينة ومخصصة لمشاركة المتعبدين والرهبان
- مغاور للعبادة بالشكل الأكثر توحدا (مغاور مفردة) أو (إفرادية) حيث يوجد بها مدرج محفور بالصخر يعود للقرن الثالث الميلادي خاص لاجتماع الرهبان مع القس والأب الروحي لأخذ التعاليم في حياتهم الرهبانية .
- والقسم الثاني فيه عبارة عن أبنية ضخمة تاريخية مخصصة للعبادة والإقامة وبعضها للأطفال الأيتام والآخر تقام فيه مخيمات صيفية سياحية دينية لزوار من داخل سوريا وخارجها .
وفي محيطه بستان تجري فيه أعمال زراعيّة يضمّ أنواع مختلفة من الأشجار المثمرة تؤمن مونة الدير. كما يوجد فيه بئر ماء يعود حفره للعام ١٩٨٦ .
يروي التقليد المحلّيّ أنّ الدير تأسّس في القرن الخامس. على التلّة المجاورة، عدد من الكهوف يدخل إليها بواسطة الأدراج. ويُظنّ أنّها تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ، ولكنّها على الأرجح استُعملت كمخبأ ومكان خلوة للمسيحيّين الأوائل. وادى وجود الرهبان في هذه الكهوف إلى تأسيس الدير ..
أما كنيسة الدير :
يتكوّن المدخل المسقوف من ثلاثة أعمدة يستند إليها سطح من الإسمنت، وسقف تبرز عليه عناصر زخرفيّة قديمة. أمّا باقي البناء فيتألّف من حجارة قديمة أصليّة رُصفت بانتظام .
القسم الداخليّ بسيط ومتماسك. أمّا الإيقونسطاس الحجريّ ذو الطراز الحديث، فرفعت عليه إيقونات معاصرة؛ والجدران مزيّنة جزئيًّا بمراحل من حياة يسوع ..
خلف الكنيسة، شيّدت قبّة جرس على شكل برج مرتفع تتألّف من كتل مكعّبة الشكل، تتقلّص حجمًا كلّما صعِدَت لتكوّن هرمًا ممتدًّا نحو العُلى .
الجزء الأعلى تحفّ به القناطر من الجهات كافة. يقع هذا البرج في أعلى نقطة من الأراضي التابعة للدير ويمكن رؤيته من بعيد. وينتصب على مقربة منه صليبان حجريّان بحجمين مختلفين. وثمّة سلالم نُحتت في الصخر تؤدّي إلى هذه المعالم، تخوّل الزائر التمتّع بمشهد التلال والسهول ..
في شمال الكنيسة، يقع بناء مخصّص للزوار والحجّاج .
الطابق الأرضيّ مبنيّ من الحجارة القديمة، والطوابق الثلاثة العليا تقابلها أروقة مزدانة بالقناطر .
وكما في قبّة الجرس، فإنّ هذه الطوابق تتقلّص حجمًا كلّما ارتفع مستواها لتكوّن شكلاً هرميًّا.
على مستوى الطابق الأرضي أقيمت قاعتان كبيرتان. أمّا الطوابق العليا، فتحتوي 22 غرفة نوم، تغصّ بالضيوف في فصل الصيف .
على الجانبين يقوم مبنيان شيّدا تبعًا للشكل الهرميّ ذاته. أحدهما يحتوي مكتبة وغرفًا مخصّصة للرهبان، والآخر يحتوي صوامع نسكيّة. خلفهما بناء مؤلّف من طوابق عدّة يضمّ أيضًا صوامع للرهبان وغرف استقبال ومنامة للضيوف .
وإلى اليوم يلاقي هذا الدير الأثري التاريخي العريق اهتمامًا خاصًّا وكبيرًا لمتابعة التنمية الروحيّة والعمرانيّة فيه، ليبقى الشاهد على مسيرة الزمن بحلوها ومرّها، وعلى أحداث لم تنل من حضوره المشعّ في منطقة شهدت عبر تاريخها أحداث واضطرابات ومحن لتحتضن فيما بعد تمثال"جئت لأخلّص العالم" للسيّد المسيح الذي تمّ نصبه في ١٤ تشرين الأوّل العام ٢٠١٣.
بارتفاع يبلغ ٢٩م يرمز للسلام والتآخي والمحبة يقف حاميًا للمنطقة والمناطق التي يطلّ عليها في سورية ولبنان وهو الأكبر في الشرق الأوسط والعالم العربي وثاني أكبر تمثال في العالم بعد التمثال القائم في ريو دي جانيرو - البرازيل! كما ذكر سابقا .
أتت عوامل الزمن على هذا الدير فخُرّب وبقي معروفًا بالتسمية الشعبيّة بدير شربيم أو شربين.
بُني هذا الدير في القرن الثالث الميلادي نتيجة اضطهاد المسيحيين من قبل الوثنيين وأصبح أنقاضًا في القرن السادس عشر، وأعيد بناؤه سنة 1982 في عهد البطريرك أغناطيوس الرابع، على يد الأم كاترين أبي حيدر رئيسة دير سيدة صيدنايا البطريركي التي وصفت الدير عندما زارته للمرة الأولى :
"شاهدت جدران الدير قائمة من الحجر الكفري الكبير، والسقف من حجر بلاط. كما شاهدت صفًّا من العواميد موشّحة برسم الكرمة وعناقيد العنب، كما يوجد حجر كبير مرسوم عليه أربعة ملائكة وحجارة كبيرة عليها كتابة باللغة اليونانيّة. دلّت التحرّيات التي تمّت في حرم الدير على وجود معاصر للخمر محفورة في الصخر" .
كما تمّت العناية بالمباني الضخمة والمغاور والكهوف التاريخيّة وتشجير المكان المحيط، وقد لاقى الدير أهمّيّة خاصّة من البطريرك إغناطيوس الرابع هزيم الذي كلّف الأرشمندريت يوحنا (التلّي) مع أخويته الرهبانيّة لمتابعة التنمية الروحيّة والعمرانيّة لهذا الدير التاريخيّ العريق .
أعادت رئيسة دير سيّدة صيدنايا البطريركي الأم كاترين أبي حيدر بناء كنيسته وأوّل أجنحته، وأوجدت له الماء وشقّت طريقه الحالي …
ثمّ تولّته رهبنة ديري القدّيس جاورجيوس بصيدنايا والشيروبيم البطريركيّين برئاسة سيادة الإرشمندريت الجليل يوحنّا التلّي، ابن بلدة صيدنايا، حيث تابعت فيه هذه الرهبنة العمار واستصلاح أراضيه الزراعيّة. وتمّ فيه نصب ثاني اكبر تمثال للرب يسوع في العالم قدّمته جمعيّات روسيّة منها جمعيّة إحياء تراث القدّيس اندراوس الروسيّة …
والدير مركز للمخيّمات الشبابيّة الروحيّة والكشفيّة ….
لكن يد الإرهاب لم تكن بعيدة عن دير الشيروبيم جرّاء الحرب التي تعرّضت لها سورية، فكانت له حصّة من الدمار والخراب لكنّها لم تنل من وجوده ومن مقتنياته. فقد تصدّى حامية الدير من الاهالي والجيش العربي السوري لهذا الإرهاب وتمّ التحرير بيده وبيد الدفاع الوطني الصيداوي وحزب الله اللبناني وارتقى شهداء مصر وسقطت قامات سنديان جرحى كثيرون ليبقى صرح الدير وأجراس كنيسته رسالة البقاء والنقاء للحفاظ على أرضه المباركة التي بقيت تعطي الحب والسلام بصمود أهلها .
شام الروح ٢
بتصرف د. جوزيف زيتون |
|
Page précédente |
|
|
|
|
|
|
 |
 |
|
© Université de Balamand, Mise à jour mars 15, 2024
|
|